قصه سيدنا ابراهيم
اللحظة هبطت على الأرض أقدام ثلاثة من الملائكة جبريل وإسرافيل وميكائيل. يتشكلون في صور بشړية من الجمال الخارق. ساروا صامتين. مهمتهم مزودجة. المرور على إبراهيم وتبشيره. ثم زيارة قوم لوط ووضع حد لجرائمهم.
سار الملائكة الثلاثة قليلا. ألقى أحدهم حصاة أمام إبراهيم. رفع إبراهيم رأسه.. تأمل وجوههم.. لا يعرف أحدا فيهم. بادروه بالتحية. قالوا سلاما. قال سلام.
نهضت زوجته سارة حين دخل عليها. كانت عجوزا قد ابيض شعرها ولم يعد يتوهج بالشباب فيها غير وميض الإيمان الذي يطل من عينيها.
قال إبراهيم لزوجته زارنا ثلاثة غرباء.
سألته من يكونون
قال لا أعرف أحدا فيهم. وجوه غريبة على المكان. لا ريب أنهم من مكان بعيد غير أن ملابسهم لا تشي بالسفر الطويل. أي طعام جاهز لدينا
قال وهو يهم بالانصراف نصف شاة.. اذبحي لهم عجلا سمينا. هم ضيوف وغرباء. ليست معهم دواب أو أحمال أو طعام. ربما كانوا جوعى وربما كانوا فقراء.
اختار إبراهيم عجلا سمينا وأمر بذبحه فذكروا عليه اسم الله وذبحوه. وبدأ شواء العجل على الحجارة الساخنة. وأعدت المائدة. ودعا إبراهيم ضيوفه إلى الطعام. أشار إبراهيم بيده أن يتفضلوا باسم الله وبدأ هو يأكل ليشجعهم. كان إبراهيم كريما يعرف أن الله لا يتخلى عن الكرماء وربما لم يكن في بيته غير هذا العجل وضيوفه ثلاثة ونصف شاة يكفيهم ويزيد غير أنه كان سيدا عظيم الكرم. راح إبراهيم يأكل ثم استرق النظر إلى ضيوفه ليطمئن أنهم يأكلون. لاحظ أن أحدا لا يمد يده إلى الطعام. قرب إليهم الطعام وقال ألا تأكلون عاد إلى طعامه ثم اختلس إليهم نظرة فوجدهم لا يأكلون.. رأى أيديهم لا تصل إلى الطعام. عندئذ أوجس منهم خيفة. في تقاليد البادية التي عاش فيها إبراهيم كان معنى امتناع الضيوف عن الأكل أنهم يقصدون شړا بصاحب البيت.
ابتسم أحد الملائكة وقال نحن لا نأكل يا إبراهيم.. نحن ملائكة الله.. وقد أرسلنا إلى قوم لوط
الټفت إليها أحد الملائكة وبشرها بإسحاق.
صكت العجوز وجهها تعجبا
قالت يا ويلتى أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا إن هذا لشيء عجيب 72 هود
عاد أحد الملائكة يقول لها
ومن وراء إسحق يعقوب
جاشت المشاعر في قلب إبراهيم وزوجته. شف جو الحجرة وانسحب خوف إبراهيم واحتل قلبه نوع من أنواع الفرح الغريب المختلط. كانت زوجته العاقر تقف هي الأخرى وهي ترتجف. إن بشارة الملائكة تهز روحها هزا عميقا. إنها عجوز عقيم وزوجها شيخ كبير. كيف! كيف يمكن!
أبشرتموني على أن مسني الكبر فبم تبشرون 54 الحجر
أكان يريد أن يسمع البشارة مرة أخرى أكان يريد أن يطمئن قلبه ويسمع للمرة الثانية منة الله عليه أكان ما بنفسه شعورا بشريا يريد أن يستوثق ويهتز بالفرح مرتين بدلا من مرة واحدة أكد له الملائكة أنهم بشړوه بالحق.
قالوا بشرناك بالحق فلا تكن من القانطين 55 الحجر
قال ومن يقنط من رحمة ربه إلا الضآلون الحجر
لم يفهم الملائكة إحساسه البشري فنوه عن أن يكون من القانطين وأفهمهم أنه ليس قانطا.. إنما هو الفرح.
لم تكن البشرى شيئا بسيطا في حياة إبراهيم وزوجته. لم يكن لإبراهيم غير ولد واحد هو إسماعيل تركه هناك بعيدا في الجزيرة العربية. ولم تكن زوجته سارة قد أنجبت خلال عشرتها الطويلة لإبراهيم وهي